"قوانين الانتخابات والأحزاب السياسية
رؤيةعربية مقارنة من منظور النوع الاجتماعي"
"مستوىمشاركة المرأة اليمنية في الانتخابات
والأحزابالسياسية"
إعداد
الدكتور/محمد مقبل سيف حسن
جامعةعدن - اليمن
المقدمــــــة
تمر المرأة العربية بصورة عامة والمرأة اليمنيةبصورة خاصة، بالعديد من الأوضاع المختلفة التي نتجت عن السياسات التي أنتجتهاالأنظمة العربية، في الفترة ما قبل عام 2011م (ثورة الربيع العربي)، أو الفترةاللاحقة لهذا العام، والتي أسفرت عن تغييرات كبيرة في عادات وتقاليد المجتمعاتالعربية، أو في ثقافتها وغيرها. إذ كانت المرأة في الفترة ما قبل عام 2011م تناضلمن أجل تعزيز حقوقها التي أكتسب بعضها مما تكرمت به سلطة الدولة في هذه المجتمعات،والدفع بمشاركة المرأة في العديد من هيئات الدولة، وإن كان التمثيل لا يرتقي إلىمستوى الطموح الذي تنشده المرأة العربية، إلا أنه كان يشكّل منطلق للمطالبةبالمزيد من تلك الحقوق لا سيما بعد تصديق كثير من الدول العربية، ومنها اليمن، علىالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مكافحة اشكال التمييز ضد المرأة وغيرها. وقد رأيناتواجد المرأة في بعض هيئات وسلطات الدولة، مثل مناصب وزير، أو قاضي في المحكمةالعليا أو المحاكم الأدنى درجة، أو منصب وكيل وزارة وغيرها، وإن لم يكن عدد منتبوأن تلك المناصب بالكبير، إلا أنه كان يشكل نقلة نوعية في ثقافة المجتمع العربي،وكانت المرأة تعمل جاهدة على توسيع تلك الثقافة التي تشكل قاعدة ثابتة في مشاركةالمرأة في السلطة.
تعد المشاركة السياسية للمرأة من أهم المحطاتوالتجارب التي تكسبها الخبرة والتمرّس في اتخاذ القرارات، بالنظر لما لهذهالمشاركة من أهمية في الارتقاء بفكرها السياسي وثقافتها الاجتماعية والقيادية، فهيتمارس حقها في المشاركة في الانتخابات العامة كمرشحة تخوض تلك الانتخابات لتفوزبمقعد من مقاعد البرلمان أو مقعد من مقاعد المجالس المحلية، الأمر الذي يساعدها فيالمشاركة في صياغة السياسة التشريعية للدولة، أو رسم ملامح التنمية الشاملة فيمختلف المجالات. كما تعد مشاركتها في الأحزاب السياسية وانخراطها في عضوية هذهالأحزاب الخطوة الأولى نحو تثبيت أقدامها في الحياة السياسية. ويعد نجاحها في أنتتبوأ مراكز قيادية في هذه الأحزاب، تمهيداً لاحتلال مواقعها في مراكز اتخاذالقرار في سلطة الدولة. إلا أن هذا النجاح مرهون بالعديد من العوامل أهمها تشجيعتلك الأحزاب السياسية للمرأة للارتقاء بمستواها لتكون قيادية في هذه الأحزاب، حتىتنطلق نحو المشاركة الواسعة في الحياة السياسية في المجتمع والدولة. إلا أن ذلكالطموح يصطدم دائماً بالفكر والتفكير الذكوري لدى قيادات تلك الأحزاب التي لا تشجعحقيقةً المرأة في المشاركة الفعلية في الحياة السياسية وأخذ مكانتها الصحيحة فيها،لتنطلق إلى احتلال مواقعها في مراكز اتخاذ القرار على مستوى سلطة الدولة، ويعودذلك إلى عقدة الخوف من أن المرأة ليست قادرة على خوض التجربة السياسية والنجاحفيها، والتأثير على جمهور الناخبين، الأمر الذي ينعكس، في معتقداتهم، على ضياعالمقاعد في البرلمان أو السلطة المحلية لهذا الحزب أو ذلك، وبالتالي يفقد تأثيرهفي المجتمع وقربه من سلطة الدولة. وهذا يعود، في اعتقادهم، إلى عدم امتلاك المرأةللرؤية الصحيحة والتحليلات الدقيقة للمشهد السياسي في المجتمع، وبالتالي عدمقدرتها على التأثير على جمهور الناخبين. وقد رأينا هذا الواقع في النسب التيحققتها المرأة في مشاركتها في الانتخابات العامة، أو نسبتها في المراكز القياديةداخل الأحزاب السياسية، هذا الأمر لا يقتصر على المرأة اليمنية فقط، ولكنه يعمالمرأة العربية، بشكل عام.
وفي هذه الدراسة سوف نوضح مدى مشاركة المرأة فياليمن في الحياة السياسية، ونسبة تلك المشاركة سواء في الانتخابات العامة، أو فيإطار الأحزاب السياسية اليمنية، والأسباب التي أدت إلى ذلك.
الإطار المنهجي للدراسة
- أهمية الدراسة:
تكتسب هذه الدراسة أهميتها من أهمية موضوعها وهومشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية، وبالنظر إلى حساسية هذا الموضوعبالنسبة للمجتمع اليمني في الوقت الحاضر الذي تراجع فيه دور المرأة بشكل كبير،لاسيما بعد الأزمة السياسية في البلاد في عام 2011م، والتي جرّت البلاد إلى صراعاتكبيرة توّجت بحرب 2015م والمستمرة إلى هذا اليوم.
إن الفترة الزمنية الممتدة منذ عام 2011م إلى هذااليوم والتي تقاس ب 11 عاماً، تدهور خلالها الوعي الاجتماعي بشكل كبير، بعد أن كانفي الفترة السابقة لهذه الازمة يشكل حالة أفضل منه بعد الأزمة. إذ أن الصراعاتالسياسية ثم العسكرية بين الفرقاء السياسيين، والتي تحوّلت إلى انقلاب عسكري علىالشرعية السياسية للسلطة، زاد الوضع سوءاً على سوء. فقد تدهورت الحالة المعيشيةللمواطنين وأصبح نصف أفراد المجتمع لا يستطيعون توفير الغذاء اليومي لهم ولأسرهم،بسبب انقطاع الرواتب، وانخفاض القيمة الشرائية للعملة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعالأسعار بشكل جنوني، فضلاً عن قلة الغذاء بسبب الحرب والحصار، ويهدد بحدوث مجاعة،قد تترتب عليها نتائج وخيمة على المجتمع والمواطن. وفضلاً عن ذلك، فقد تدهورالتعليم الأساسي في المدارس الأساسية الابتدائية والثانوية، بسبب الإهمال المتعمدللجهات المختصة عن تطويره والارتقاء به، وعدم الاهتمام بالحالة المادية والمعيشيةللمدرسين، وعدم قدرة كثير من الأسر الإنفاق على أولادها للذهاب إلى المدرسة، الأمرالذي دفع بالكثير من الأسر إلى منع أبناءها من الذهاب إلى المدرسة، والدفع بهم إلىامتهان بعض الأعمال للإنفاق على الأسرة، وهذا يعني أيضاً منع الفتيات من الذهابإلى المدرسة والدفع بهم إلى الزواج في سن صغيرة للحصول على أموال وإنفاقها علىمعيشة أسرتها.
كل هذا أدى إلى إهمال المواطنين للتعليموالثقافة، والخضوع للعادات والتقاليد القديمة، لا سيما في مجال تعليم الفتيات،وحجبهن في المنازل منعاً للاختلاط بالذكور سواءً كان في المدرسة أو الشارع أوغيرها، وإن الفتاة عليها أن تلزم بيت أهلها إلى حين يأتيها النصيب وتتزوج، وتنتقلإلى مرحلة أخرى من البقاء في منزل زوجها للإنجاب وتربية الأطفال فقط.
فضلاً عن العوامل الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية، فقد أدت العوامل السياسية والإعلامية دوراً كبيراً في إبعاد المرأة عنالمشاركة في الحياة العامة والسياسية، إلا من عدد قليل من النساء ظللن يواصلننشاطهن في حدود ضيقة. ومنذ آخر مشاركة سياسية للمرأة في الانتخابات العامة فيأعوام 2003م في الانتخابات البرلمانية والمحلية، ثم في 2006م في الانتخاباتالرئاسية، لم تقم هناك انتخابات أو فعاليات سياسية وحزبية عامة، يكون للمرأة فيهادوراً كبيراً في بعض المناسبات القليلة النادرة.
وعليه، فقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تدهورمشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية، وإضعاف دورها في المجتمع بعد أن كانلها مشاركات كبيرة في كثير من المناسبات السياسية والحزبية.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى التعريف بدور المرأة اليمنية فيالحياة العامة والسياسية في فترة ما بعد عام 1990م، وهو العام الذي قامت فيهالجمهورية اليمنية بعد توحيد الشطرين، وحتى ما قبل حرب 2015م، والتي لا تزالمستمرة بين الأطراف المتحاربة. فتكسب هذه الدراسة أهميتها من المتغيرات الراهنة فيالساحة السياسية والتي يشهدها الواقع السياسي بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي،ومحاولة إيجاد الاستقرار السياسي في البلاد ليكون مدخلاً لإيجاد الاستقرار العسكريفي جبهات القتال وإيقاف الحرب، وعودة الحياة إلى طبيعتها في المجتمع اليمني، وعودةكل الشرائح وفئات المجتمع إلى ممارسة أنشطتها التي كانت تمارسها قبل الحرب، الأمرالذي يضفي على موضوع الدراسة دلالة بالغة من منطلق تفعيل دور المرأة بوصفها شريكأساسي في الحياة السياسية الراهنة التي فعلاً تتطلب مشاركة المرأة بصورة فاعلةوقوية في رسم المشهد السياسي الذي يشهد صراع عسكري بين متضادين فكرياً وسياسياً وإيديولوجياً.
مشكلة الدراسة وأسئلتها:
تعد مشاركة المرأة في الحياة السياسية أمراًضرورياً ومهماً لتحقيق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدولة. وقدحرص المجتمع الدولي كل الحرص على أهمية ضمان مشاركة المرأة الفاعلة في قضاياالمجتمع للترابط الوثيق بين التنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان. فالإنسان، رجلاًأو امرأة، يعد العنصر الأساسي والدعامة الرئيسة للتنمية في المجتمع، فلا يمكن أنيحتكر الرجل هذا الجهد لنفسه، وينفرد في صنع القرار، بل لا بد أن تشاركه المرأةالتي تمثل نصف المجتمع، لا يمكن الحديث عن أي تقدم في قضية المرأة ما لم يكن هناكتقدم للمجتمع بشكل عام، وذلك بتوافر شروط اجتماعية واقتصادية وسياسية والتي منأهمها التنمية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وبالتالي فإنمشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية تصبح ضرورة وغاية في الوقت نفسه،وإشراكها في مراكز صنع القرار في مختلف مستوياتها، يعد مؤشراً جيداً للتعامل الصحيح مع قضايا المرأة، ويتسمبأهمية حيوية بشأن صياغة السياسات المراعية للنوع الاجتماعي وتعزيز دورها فيالتنمية الشاملة في المجتمع.
وعلى الرغم من منح المرأة حق الترشح للانتخاباتفي اليمن، وغيرها من الحقوق، إلاّ إن مشكلة مشاركتها في النشاط السياسي مازالتمحدودة، إذ تفتقر إلى التمثيل المتكافئ القائم على التوازن في كيان الحكومات منحيث النوع الاجتماعي في مراكز صنع القرار (القيادات العليا والحكومات)، وفيالمؤسسات التمثيلية (المجالس السياسية والحكم المحلي)، وضع مشاركتها في السلطة التنفيذية، إذ جاء تشكيل حكومة المناصفة الأخيرة، بناءً على اتفاق الرياض والإعلان الدستوريالأخير خالياً من أي منصب تتحمله امرأة فيها، وهذا يدل على أن قضية المرأةومشاركتها في الحياة العامة والسياسية، مازالت تفتقر اهتمام القيادة السياسية،ربما يعود ذلك إلى ظروف الحرب. فالدراسات التي تبنتها اللجنة الوطنية للمرأة ، خلصتإلى أن المعوقات الاجتماعية والثقافية التقليدية لتوسيع مشاركة المرأة في الحياةالعامة، لا ينبغي استمرار اعتبارها تحدياً عصيباً وصعب التجاوز، فمثل تلك المعوقاتتظل قابلة للتدليل والتجاوز التدريجي، إذا ما تصدت لها إدارة صادقة وقرار سياسيجاد وحاسم.
إن المشاركة السياسية للمرأة في صنع القرارالسياسي تأتي عن طريق إيجاد قنوات ومؤسسات عن طريقها يمكن للمواطنين التأثيربطريقة مباشرة أو غير مباشرة على المستوى القومي والمحلي، وإذا كان للرجل نصيب في المشاركةلصنع القرار في اليمن، بحكم نسبة تواجده في مؤسسات صناعة القرار، فإن المرأةاليمنية مستعبدة كلياً بنسبة (99%)، إذا أستثنينا وزيرة هنا، أو وكيلة هناك، أومديرة هنا، أو موظفة عادية هناك.
أما حق المرأة كعضو في مجلس النواب (البرلمان)،فلا يزال الجدل حوله مستمراً لدى بعضهم، ولا تزال التبريرات التقليدية لبعضهمالآخر لعدم تفعيله، متخلفة كثيراً عن قناعات المواطن العادي، وهي القناعات التيأظهرتها نتائج استطلاعات دراسة بعنوان المشاركة السياسية للمرأة اليمنية بينالمعوقات الاجتماعية – الثقافية وازدواجية المشروع الديمقراطي، إذ توصلت إلى أنأغلبية عالية ترى أن لدى المرأة ما يكفي من القدرات لممارسة دور سياسي ونيابي، وإنازدياد عدد النائبات في المجلس أصبح مطلباً لا يحتمل التأجيل، وإن التوسعوالاستمرار في ترشيح المرأة لعضوية المجلس، تظل ضرورة، حتى وإن بقيت احتمالاتالفشل كبيرة.
وتسعى الدراسة للإجابة عن الأسئلة الآتية:
1) ما هو الدور التي أدته المرأة في الحياة السياسيةمن الناحية التاريخية، لمحة موجزة.
2) هل توافرت الظروف الملائمة للمرأة في المجتمعلأداء هذا الدور والارتقاء به؟ أو أن هناك عوامل أدت إلى انخفاض هذا الدور؟
3) ما هي الأسباب التي أدت إلى انكماش دور المرأة فيالحياة السياسية في الوقت الراهن؟
4) ما هي النصوص الدستورية والقانونية التي نظمتالمشاركة السياسية للمرأة؟
5) كيف نظمت قوانين الانتخابات مشاركة المرأة فيالعملية الانتخابية بمختلف مستوياتها وهل استطاعت إدماج النوع الاجتماعي من خلالتنظيم هذه الحقوق؟
6) كيف تنظم قوانين الأحزاب السياسية مشاركة المرأةفيها، ومدى إدماجها للنوع الاجتماعي في النشاط السياسي لهذه الأحزاب؟
منهج الدراسة:
تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذييدرس كيفية تحقيق أهداف الدراسة والإجابة عن أسئلتها من خلال تحليل منهجي.
- خطة الدراسة:
- المقدمة:
- الإطار المنهجي للدراسة:
- أهمية الدراسة:
- أهداف الدراسة:
- مشكلة الدراسة وأسئلتها:
- منهج الدراسة:
- خطة الدراسة:
- المبحث الأول:
المرأةاليمنية ومشاركتها في الانتخابات العامة (البرلمانية، الرئاسية، المحلية).
- المطلب الأول: مشاركة المرأة في الانتخاباتالبرلمانية والمحلية.
- المطلب الثاني: القوانين ذات الصلة بالانتخاباتالعامة.
الظروفالراهنة في اليمن وأثرها في مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة.
- المبحث الثاني:
مشاركةالمرأة ودورها في الأحزاب السياسية.
- المطلب الأول: وضع النساء في الأحزاب السياسية.
- المطلب الثاني: أسباب ضعف دور النساء في الأحزابالسياسية.
- الخاتمة.
- قائمة المراجع.
- الملخص.
المبحث الأول: المرأة اليمنية ومشاركتها في الانتخابات العامة(البرلمانية، الرئاسية، المحلية).
دور المرأة اليمنية في الدويلاتالقديمة
انطلاقاً من الأدوار التي أدتها المرأة اليمنيةعلى مدى تاريخ المجتمع اليمني، فقد كان لها أدواراً عظيمة في صناعة التاريخاليمني، سواءً في العصور القديمة ما قبل الميلاد أو العصور الوسطى. فقد كتبالتاريخ عن الملكة بلقيس ودورها في إبراز مملكة سبأ التي عاصرت نبي الله سليمان،هذا التاريخ الذي ذكر في القرآن في سورة "سبأ". وقد بلغت مملكة سبأ فيعصر المملكة بلقيس شأناً عظيماً، والآثار الباقية إلى يومنا هذا شاهدة على قدرةهذه المرأة على القيادة وصنع القرار. وفي ذاك الزمان فقد احتلت المرأة مناصب عليافي الدولة، منها منصب كبير الكهنة.
اما في العصور الوسطى، فقد شهد التاريخ ميلادملكة أخرى لا تقل شأناً عن الملكة بلقيس، وهي الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، التيأسست الدولة الصليحية وحكمتها لفترة طويلة، وكان لها علاقات كبيرة مع كثير منالدول التي عاصرتها في تلك الفترة.
هذه الإنجازات كانت تدل على أن المرأة تمتلكقدرات كبيرة في القيادة واتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالدولة والمجتمع، وأنالمجتمع في ذالك الزمان كان يتقبل وجود المرأة في مراكز صنع القرار، وفي المراكز العليافي إدارة الدولة.
وفي العصر الحديث كان للمرأة في جنوب اليمن، قبلتوحيد الدولتين، في فترة الاستعمار البريطاني دوراً ريادياً في مجال التعليموالثقافة والحركة النسائية. وقد قادت المرأة، بالمساهمة مع أخيها الرجل، المظاهراتوالمسيرات المنددة بالاحتلال البريطاني لعدن والجنوب بشكل عام، وكان لها مساهماتكبيرة في إنشاء الأندية الثقافية والاتحادات النسائية ذات الطابع النقابي، وساهمتأيضاً في إنشاء أول صحيفة تهتم بقضايا المرأة في منطقة الجزيرة العربية.
المطلب الأول: مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية والمحلية
كفل دستور الجمهورية اليمنية حقوقاً متساوية لكلالمواطنين، ذكوراً وإناثاً، في ممارسة العمل السياسي. وبما إن النساء يشكّلن نسبة50% من السكان تقريباً، ونتيجة لتنامي الوعي السياسي لدى النساء، فقد أصبحن قوةانتخابية يحسب حسابها، وتتسابق الأحزاب السياسية على خطب ود النساء كناخبات، لكسبأصواتهن في الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية، وتعمل جميع الأحزابالسياسية بما فيها الأحزاب ذات التوجّه الديني الإسلامي، إلى استقطاب النساءكعضوات فيها، وتسجيلهن في قوائم الناخبين، إذ بلغ عدد المشاركات في الانتخاباتالرئاسية عام 1999م (1,704,527) ناخبة من إجمالي (5,623,500) ناخبة، أي بنسبة 30%.
تجذر الإشارة إلى أن اليمن شهدت خمس انتخاباتعامة مباشرة، منها برلمانية في أعوام 1993م، 1997م، 2003م، وانتخابات رئاسية في أعوام1999م و2006م/ كما جرت انتخابات للمجالس المحلية عام 2001م. وقد أشرفت على تلكالانتخابات لجنة مكوّنة من سبعة أعضاء من الشخصيات العامة المعروفة، على كافةالعمليات والفعاليات الانتخابية والاستفتاءات إدارةً وإشرافاً، وسميت هذه اللجنةباللجنة العليا للانتخابات وتعد هذه اللجنة شخصية اعتبارية مستقلة إدارياًومالياً. وتتشكل هذه اللجنة من خلال صدور قرار من رئيس الجمهورية بتشكيلها، إذيختار الرئيس أعضاء هذه اللجنة من بين قائمة تضم (51) شخصية يرشحها مجلس النواب(البرلمان).
وعلى الرغم من الدستور اليمني قد أقر مبدأالمساواة في الحقوق والواجبات بين النساء والرجال في مختلف الميادين، وعلى الرغممن تنامي الوعي السياسي لدى النساء بأهمية مشاركتهن في الحياة العامة والسياسية،إلا أن الأعراف والتقاليد وتشدد الرجال (الذكور) وتعوق التطبيقات العمليةللتشريعات والقوانين وتحول دون ذلك. وبوصف أن الذكور والإناث يشكلون النوعالاجتماعي، فهم الركيزة الأساسية في المجتمع لا سيما من يتمتعون بحق الانتخاب(التصويت والترشح). وهذا النوع الاجتماعي يتعلق في الأساسي بالدوار الاجتماعيةللذكر والأنثى في المجتمع، وكيف تنظر لهما الثقافة المحلية، أي الثقافة السائدة فيالمجتمع. لذا فكلمة اجتماعي، أي النوع الاجتماعي، مرتبط ارتباط وثيق بالمجتمعوأعرافه وتقاليده، وكيف ينظر إلى الذكر والأنثى. فنجد أن الواقع العملي يختلفاختلافًا كليًا عن نصوص الدستور والقوانين الأخرى، وأيضاً الخطاب السياسي الذييدعو إلى زيادة مشاركة النساء في الحياة العامة والسياسية، وكذا نجد أن مستوىتمثيل النساء في مجلس النواب (البرلمان) ضئيل جداً، ويعود سبب ذلك إلى الموروثالاجتماعي من العادات والتقاليد، وأساليب التنشئة الأسرية والاجتماعية بشأن تحديدمواقع النساء وأدوارهن ووضعهن ومكانتهن في الحياة العامة، والتي تتدخل أيضاً فيتحديد مسار صنع القرار وتوجيهه لصالح الرجال، دون مراعاة لأدوارهن المتغيرة فيالحياة الأسرية والمجتمعية، والحياة العامة. وهناك سبب آخر يتمثل في عدم جديةالأحزاب السياسية في ترشيح نساء ضمن قوائمهم الانتخابية؛ بالرغم من أن هذه الأحزابالسياسية تلهث وراء أصوات النساء وتخطب ودهن للتصويت لها في الانتخابات العامة،إلا أن أغلبها تحجم عن ترشيح نساء في قوائمهم بحجة أن النساء غير قادرات على خوضالانتخابات العامة. وفضلاً عن تلك الأسباب إلا أن السبب الحقيقي، من وجهة نظرنا،يعود إلى هذه الأمور، وهي:
1) المنافسة الشرسة من قبل مرشحي الأحزاب الأخرى منالذكور الذي يمتلكون شعبية كبيرة بين أوساط المواطنين في المجتمع اليمني.
2) عدم ثقة تلك الأحزاب في فوز المرأة بالمقعد الذيرشحت للفوز به، بسبب تلك المنافسة.
3) الخوف على ضياع المقاعد التي ينافسون للفوز بهاإذا تم ترشيح نساء لخوض تلك الانتخابات.
وعليه، فإننا نجد بالنسبة للانتخابات البرلمانيةالتي جرت عامي 1993م و1997م، أن عدد إجمالي المرشحين لمقاعد البرلمان في عام 1993مبلغ 4495 من الذكور بينما عدد المرشحات من النساء 48 امرأة، أي بنسبة (1.07%)، أمافي عام 1997م فإن عدد المرشحين من الذكور بلغ 2312، بينما عدد النساء المرشحات 23امرأة، بنسبة (1.0%). لذا نجد أن مشاركة المرأة اليمنية في الانتخابات تطورتبالنسبة للناخبات، بينما قلّت النسبة بالنسبة للمرشحات. فقد برزت مشاركة المرأةعلى الساحة السياسية كناخبة داعمة صوت المرشح الرجل، في حين أهملت دعم صوت المرأةالمرشحة لهذه الانتخابات. ففي الانتخاباتالبرلمانية عام 1993م بلغ عدد النساء الناخبات إلى (500.100) خمسمائة ألف ناخبة،وتعد هذه نسبة ضئيلة، وفي الانتخابات البرلمانية اتي جرت عام 1997م أرتفع عددالناخبات ليصل إلى (مليون ونصف المليون) ناخبة بنسبة تصل إلى 37%، أما فيالانتخابات عام 2003م (تعد آخر انتخابات برلمانية في اليمن) وصل عدد الناخبات إلىثلاثة ملايين ونصف المليون) ناخبة بنسبة تصل إلى 43%، وهي نسبة تقارب النصف. إلاأن هذه المشاركة، كما أشرنا كانت لصالح الرجل وليس المرأة المرشحة، بسبب توجيهالأحزاب السياسية للنساء بالتصويت لصالح الرجل للأسباب المذكورة آنفاً.
المطلب الثاني: القوانين ذات الصلة بالانتخابات العامة
صدرت بعد تحقيق الوحدة بين شطري اليمن عام 1990م،مجموعة من القوانين التي تنظم المشاركة العامة لأفراد المجتمع، الذين بلغوا السنالقانونية، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة، وبصورة متساوية بين الرجالوالنساء دون تمييز، كما ورد في نصوص هذه القوانين. ففي عام 1992م صدر قانونالانتخابات العامة رقم (41) لسنة (1992م) والذي شكَّل الركيزة الأساسية للقوانيناللاحقة التي صدرت بعد الانتخابات التشريعية الأولى في إبريل 1993م. فقد كان هذاالقانون الخطوة الأولى لممارسة الديمقراطية في اليمن بعد عام 1990م، وكانتالمشاركة الأولى للنساء بعد قيام دولة الوحدة. أما في عام 1996م صدر القانون رقم(27) لسنة 1996م بشأن الانتخابات العامة، وبعده صدر القانون رقم (13) لسنة 2001م،وكلا القانونان ينظمان كافة الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية.
وسبقت الإشارة إلى أن هذه القوانين كانت تشير إلىمشاركة جميع المواطنين ممن هم في السن القانونية لممارسة حق الانتخابات بالترشيحأو الترشح، وهم النساء والرجال على حدٍ سواء دون تمييز بينهما. فقد أشار نصالمادة/2 فقرة (ب) من القانون رقم (27) لسنة 1996م إلى أن مصطلح المواطن يقصد بهاليمني واليمنية، ومصطلح الناخب يعني كل مواطن يتمتع بالحقوق الانتخابية وفقاً لنصم/2 فقرة (ج).
وعليه، فإن هذه النصوص تبيِّن المساواة بين الرجلوالمرأة في هذه العملية السياسية بممارسة حق الانتخاب، بوصفها حقيقة ثابتة، ولا تمييزبينهما في ذلك، سواءً كانت هذه الانتخابات رئاسية أو برلمانية، أو محلية، وغيرهامن الانتخابات الأخرى.
وترتيباً على ما تقدم، فإن المرأة اليمنية تمكنتمن اكتساب الحق في ممارسة دورها في الحياة السياسية بواسطة حقها في الانتخاباتبالترشيح (التصويت) أو الترشح والوصول إلى عضوية البرلمان، أو المجالس المحلية فيالمحافظات والمديريات. وألزمت الدولة نفسها بتسهيل ممارسة هذا الحق من قبل النساء،من خلال القيام بالإجراءات التي نص عليها القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأنالانتخابات العامة، إذ جاء في نص المادة/7 منه أن تقوم اللجنة العليا للانتخاباتباتخاذ الإجراءات التي من شأنها تشجيع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية، منخلال:
1. تشكيل لجان نسائية تتولى تسجيل وقيد أسماءالناخبات في جداول الناخبين.
2. التثبت من شخصيات الناخبات عند الاقتراع، وذلك فيإطار المراكز الانتخابية المحدودة في نطاق كل دائرة من الدوائر الانتخابية.
كما نصت المادتان (15,18) من هذا القانون علىإعطاء أو منح المرأة الحق في الطعن بقرارات اللجان الأساسية بشأن طلبات الإدراجوالحذف، أمام المحاكم بمختلف درجاتها.
أما المواد (56,57,61) من القانون نفسه فقد نصتعلى حقوق المرأة في الآتي:
أ- الترشّح لعضوية مجلس النواب (البرلمان).
ب- حق الاطلاع على دفتر الترشيحات.
ت- حق الانسحاب من الترشح.
كما نصت المادتان (80,41) على منح المرأة حقالترشّح لعضوية المجالس المحلية بالمحافظات والمديريات، وأن تكون مراقبة علىالعمليات الانتخابية لضمان نزاهتها.
وفضلاً عن هذا القانون، الذي نص على حق المرأة فيالترشح إلى عضوية البرلمان والمجالس المحلية، جاء القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأنالسلطة المحلية، مؤكد على هذا الحق، إذ نص في المادة/9 منه على حق المرأة فيالترشح لانتخابات المجالس المحلية في نطاق الوحدات الإدارية، ويعد هذا تجسيد لمبدأالمساواة بين الرجل والمرأة في الشروط الواجب توافرها في المرشحين.
- الظروف الراهنة في اليمن ومدى مشاركةالمرأة في الحياة السياسية:
شهدت اليمن صراعاً سياسياً بين القوى المختلفةالتي تهيمن على السلطة بعد تحقيق الوحدة عام 1990م، وتطور هذا الصراع السياسي إلىصراع عسكري في صيف عام 1994م، إلا أن الأوضاع استقرت بعد ذلك، وصدرت قوانين تنظمالمشاركة السياسية للنساء بالمساواة مع الرجال في أعوام 1996م و2001م، كما سبقتالإشارة إليها. ورغم هذا الاستقرار في السلطة الذي تفرّد به حزب واحد وبمشاركةضئيلة من أحزاب أخرى، إلا أن الصراع ظل بصورة خفية، إلى عام 2011م الذي اندلعت فيهانتفاضة الشباب فيما يسمى بالربيع العربي. وعلى الرغم من استقرار الأوضاع بعد هذهالانتفاضة في بعض الدول العربية مثل مصر وتونس، إلا أنها احتدمت في دول أخرى مثلسوريا وليبيا واليمن، وتحوَّلت إلى صراعات عسكرية مسلحة.
- الأوضاع الراهنة وأثرها في مشاركةالمرأة في الحياة السياسية:
توقفت الانتخابات في اليمن بعد انتهاء الانتخاباتالرئاسية عام 2006م، ولم تجرِ أي انتخابات أخرى إلى هذا اليوم، ويعود سبب ذلك إلىدخول اليمن، أُسوةً ببعض الدول العربية الشقيقة، فيما يسمى بثورة الربيع العربيعام 2011م، والتي أدت إلى انهيار أنظمة الحكم في الدول التي قامت فيها، وحلّتمحلها الانفلات الأمني والسياسي وعدم الاستقرار التي مازالت تعاني منها بعض الدولالعربية مثل ليبيا واليمن. وخلال الفترة الواقعة بين عامي 2011م و2022م، جرتالكثير من المتغيرات السياسية، وحدثت الانقلابات العسكرية، وعمّت الفوضى، واسفرتتلك الأحداث أيضاً عن تراجع كبير في الجانب الفكري والثقافي والاجتماعي. إذ شهدتهذه الدول، لا سيما اليمن وليبيا، تراجعاً كبيراً في مساهمة المرأة السياسية،وانغلاقها على نفسها خوفاً من التعرض للانتهاك، فيظل انعدام الدولة وانتشارالمليشيات المسلحة وسيطرتها جغرافياً على مناطق معينة من إقليم الدولة، تديرها حسبأجندتها الخاصة، وفقاً لتوجهاتها المختلفة. إذ بعضها حرّم على النساء المشاركة فيالحياة العامة والسياسية باستثناء القيام بجزء من الأعمال الإنسانية والإغاثة،وأيضاً جبرها على البقاء في المنزل خوفاً من التعرض للاختطاف أو الانتهاكاتالجسدية أو القتل أحياناً.
وعلى الرغم من محاولة اليمنيين إصلاح أمورهم، عنطريق إصلاح المنظومة السياسية الحاكمة، فقد صدر إعلان دستوري في إبريل 2022م بعدمشاورات الرياض بين القوى السياسية اليمنية، وتشكيل مجلس قيادة رئاسي يضم ممثليتلك القوى التي لها تأثير ميداني في الواقع، فقد جاء خالياً من العنصر النسائي،رغم أن عدد أعضاءه يبلغ (8) أعضاء. والحال كذلك عندما تشكلت حكومة المناصفة بينالمجلس الانتقالي الجنوبي وسلطة الشرعية المعترف بها، في أواخر عام 2020م، إلا أنهذه الحكومة جاءت خالية تماماً من النساء، فقد تم تجاهلهن تماماً، وكأن المرأة ليسلها وجود في المجتمع، وليس لها دور مؤثر في أحداثه.
وعليه، فإن الواقع الراهن يفرز بعض النتائج أهمهاأن بعض المجتمعات التي لا تشجّع دور المرأة كسياسية وصانعة قرار، فإنها تواجهعقبات ثقافية قوية تحول دون نفاذها إلى الحكومات المحلية، ناهيك أيضاً عن بعضالحواجز المؤسساتية.
وعليه، فإننا إذا نظرنا إلى الواقع الحالي فياليمن، سنجد أن المجتمع قد تراجع ثقافياً خطوات كبيرة إلى الوراء، وأصبح يتبنىكثير من الرجال النظرة المتطرفة إلى المرأة، التي تقوم على أساس أن المرأة لا يجوزلها أن تشارك إلى جانب الرجل في نشاطات سياسية أو حزبية، ولا يجوز لها أن تكون فيمواقع القرار، لأن ذلك يخل بالقيم والأخلاق الدينية في المجتمع، وأن المرأة يجب أنتكون في بيتها وبين أسرتها، وتقوم بالمهام التي خلقت من أجل القيام بها، وتترك ماللرجال للرجال القيام به. لذا نجد كثير من الأحزاب السياسية تسعى إلى كسب عضويةالنساء أو التأثير بينهن من أجل كسب أصواتهن أثناء العملية الانتخابية لدعممرشحيها من الرجال، وليس إيماناً منها بأن المرأة يجب أن تكون لها مشاركة فعّالةفي الحياة السياسية والعامة.
المبحث الثاني:مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية
سبقت الإشارة آنفاً إلى أن الأحزاب السياسية فياليمن سعت ومازالت تسعى إلى خطب ود النساء وكسبهن إلى عضوية هذه الأحزاب، ليسإيماناً من هذه الأحزاب بأن المرأة يمكن لها أن تشارك في صنع السياسة العامةللدولة في مختلف المجالات، للارتقاء بمستوى المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياًوثقافياً، إنما تسعى إلى ذلك من أجل كسب أصواتهن في الانتخابات العامة، لدعم مرشحيهذه الأحزاب من الذكور بزيادة عدد الأصوات في النتيجة النهائية عند فرز الأصوات.
إن بعض الأحزاب السياسية في اليمن لا تقوم علىأساس فكري واضح، لها ايديولوجيتها وبرنامجها الواضح، الذي تنتهجه أثناء الممارسةالسياسية اليومية وتأثيرها في سياسة الدولة العامة، والتي يجب أن تقوم على اتخاذالإجراءات اللازمة للتنمية الشاملة في المجتمع. فهذه الأحزاب أُنشأت لغرض معيّن،ساهمت الدولة في إنشائها بهدف الحد من تأثير الأحزاب الأخرى ذات الشعبية القوية بينأوساط المواطنين، والاستيلاء على مقاعدها التي ترشح أعضاءها للحصول عليها فيالانتخابات العامة، لا سيما البرلمانية والمحلية.
المطلب الأول: وضع النساء في الأحزاب السياسية اليمنية
تؤدي الأحزاب السياسية دوراً فعالاً في الحياةالعامة السياسية في المجتمع، الذي تقوم فيه السلطة على التعددية الحزبية واعتمادالنظام الديمقراطي، كأساس لتداول السلطة والحكم، وفقاً للأسس المحددة في الدستوروالتشريعات الخاصة المنظّمة لها. وتعد اليمن احدى تلك الدول التي اعتمدت التعدديةالحزبية، على أساس أن نظام الحكم يقوم على ممارسة الديمقراطية، والتداول السلميللسلطة وفق الوسائل التي حددها الدستور والقانون، وقد صدر في اليمن قانون يسمحبالتعددية الحزبية ويحمل رقم (66) لسنة (1991م) بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية.
وقد جاء صدور هذا القانون بعد توحيد شطري اليمنعام 1990م، ونشوء الجمهورية اليمنية كدولة ديمقراطية تتبنى النظام الديمقراطيوالتعددية السياسية والحزبية نهج لها في الحياة السياسية، ويتم ممارسة هذا النظاموفق القوانين الخاصة بذلك مثل قانون الانتخابات العامة وغيرها.
إن قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، المذكورأعلاه، لا يمنع مشاركة المرأة من النشاط في إطار الأحزاب والتنظيمات السياسة،والتي تأتي تجسيداً للحق الذي نظمه الدستور بشأن المساواة بين الرجال والنساء فيالعمل الحزبي والسياسي، وقد نصت المادة (5) من قانون الأحزاب على أن:"لليمنيين حق تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية، ولهم حق الانتماء الطوعيلأي حزب أو تنظيم سياسي طبقاً للشرعية الدستورية وأحكام هذا القانون". وهذاالنص يشمل اليمنيين من رجال ونساء. كما نصت المادة (8) فقرة (رابعاً) على:"عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناطقي أو قبلي أو طائفي أوفئوي أو مهني أو التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون".وينبثق من هذا الحق الدستوري، حق المرأة في تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية،والحق في الانتماء الطوعي إلى أي حزب أو تنظيم سياسي بشروط عامة تنطبق على الرجالوالنساء على حدٍ سواء. وقد وردت على هذا القانون ملاحظات من المنظمات واللجانالنسوية التي رأت أن بعض النصوص قد تضمنت تمييزاً ضد المرأة. وقد جاءت هذهالملاحظات للمطالبة بإجراء تعديلات على النصوص التمييزية في هذا القانون. ومن هذهالملاحظات التي طرحت:
1) فيما يتعلق بشروط تأسيس الحزب أو التنظيم السياسيفقد نصت المادة/11 فقرة (أ) على أنه يشترط في من يشترك في تأسيس حزب أو تنظيمسياسي أن يكون من أب يمني، وهذا يعني أن المتقدم بطلب تأسيس حزب أو تنظيم أو مشاركفي التأسيس إذا كان من أم يمنية فلا يقبل منه ذلك، أي لا تتوافر فيه شروط التأسيس.وهذا يعد تمييزاً بين اليمنيين من حيث الانتماء إلى الأب أو الأم، وطالبتالملاحظات بتعديل النص.
2) أن المادة (13) الخاصة بتشكيل لجنة شؤون الأحزابجاءت خالية من أي تمثيل للمرأة فيها، فقد اقتصر التمثيل في هذه اللجنة على الرجالفقط، لذا فقد طالبت المنظمات النسوية تعديل هذا النص بحيث تتم إزالة التمييز بينالرجال والنساء في هذا النص وإقرار تمثيل المرأة في هذه اللجنة.
3) اقترحت المنظمات النسائية تعديل المادة (14)الخاصة بإجراءات تأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية، بأن تتضمن طلبات تأسيس هذهالأحزاب نسبة (30%) من النساء في قائمة أسماء المؤسسين، لضمان زيادة أعداد النساء فيعضوية الأحزاب والتنظيمات السياسية، وفي هيئاتها القيادية، بوصف أن الأحزابالسياسية هي القوى الاجتماعية المحركة للتغيير.
4) تم تقديم مقترح بإضافة نص إلى نص المادة/14 يقضيبإلزام الأحزاب والتنظيمات السياسية أن تضم قوائم مرشحيها إلى الانتخاباتالبرلمانية والمحلية، نسبة من النساء من القوائم المحتمل الفوز فيها في هذهالانتخابات.
وهدفت هذه التعديلات والمقترحات إلى ضمانالمشاركة الحقيقية للمرأة في العملية السياسية، والوصول إلى مراكز اتخاذ القرارسواءً في الهيئات التشريعية والتنفيذية العليا، أو في الهيئات القيادية لهذهالأحزاب والتنظيمات السياسية، وسبب تقديم هذه المقترحات بالتعديلات والإضافات هومالوحظ من تقاعس هذه الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية التي جرت في عام 2003معن عدم ترشيح المرأة، وخلو قوائم مرشحيها من تواجد المرأة فيها، إلا من عدد قليلجداً لا يتناسب مع الأعداد الهائلة للنساء المشاركة في التصويت، إذ بلغ عدد ماتقدمت به الأحزاب (خمس) نساء للترشيح، في حين بلغ عدد المرشحين الرجال من الأحزاب(901) مرشح. هذا بالإضافة إلى محدودية دعمهن أو تركهن بدون دعم مالي أو معنوي إذالم تصل إلا واحدة فقط إلى عضوية مجلس النواب (البرلمان).
وعليه، فإننا نجد أن بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية،تعيش حالة انفصام بين ما تدعيه في برامجها ووثائقها، وبين ما تطبقه على الواقع، إذأن هناك بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية تحمل خطابين متناقضين في آنٍ واحد، الأوليتجه نحو تشجيع المرأة للانخراط في كل الميادين والمجالات، والآخر يظهر سوط المنعلاعتبارات وهمية في نفسه، وتضخيم لقوة العادات والتقاليد والقيم الاخلاقية وهي منهبراء. وحتى إن وجدت المرأة في بعض المناصب القيادية في الأحزاب والتنظيماتالسياسية أو في الحكومة، إلا أن ذلك لم ينعكس أو يترك أثر إيجابي على أوضاع المرأةبشكل عام. وقد أشار تقرير صادر عن اللجنة الوطنية للمرأة عام 2005م إلى أن تمثيلالمرأة في معظم مستويات الحكم والأجهزة التنفيذية والهيئات الوزارية لا زالتمثيلاً رمزياً وناقصاً، ولم تحرز سوى قدر ضئيل من التقدم في الوصول إلى مراكزعليا في السلطة السياسية، على الرغم من تمتع بعض النساء بمقدار كبير من المهاراتالقيادية المجتمعية وغير الرسمية في الوظائف التنفيذية.
إن تمثيل المرأة في المؤسسات السياسية لا يتناسبمع حضورها وإمكانياتها، فهو تمثيل ضعيف، وما النتائج التي توصلت إليها المرأة فيالانتخابات السابقة أعوام 1993م و1997م و2003م، إلا حقيقة تؤكد هذا التدني الذيتعود أسبابه إلى ضعف مشاركتها في الهيئات القيادية للأحزاب والتنظيمات السياسية،إن لم يكن الغياب بالكامل في بعض الهيئات القيادية. كما تطرق التقرير، المشار إليهأعلاه، إلى أن تعامل الأحزاب السياسية في اليمن مع قضايا المرأة، يتخذ طابعاًبرجماتيًا وتكتيكيًا يفتقد إلى الرؤية الإستراتيجية، وجدية القناعة لأهميةالمشاركة السياسية للمرأة، الأمر الذي يكشف التناقض في إعلان هذه الأحزاب من خلالبرامجها الانتخابية، وخطها السياسي، والتصريحات العلنية عن دور المرأة ومكانتها،وأهمية مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية، وما تنفذه هذه الأحزاب، على أرضالواقع في محاولة منها تجميل صورتها الديمقراطية.
المطلب الثاني: أسباب ضعف دور النساء في الأحزاب السياسية اليمنية
على الرغم من تأسيس أحزاب كثيرة في اليمن لممارسةالعمل السياسي، والمساهمة في إرساء قواعد الديمقراطية السياسية، من خلال المشاركةالفعالة في عملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية، وأيضاً تأثير هذهالأحزاب في رسم سياسة الدولة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية وغيرها. ويأتي ذلك تطبيقًا لنصوص دستور الدولة الذي أقر الكثير منالحقوق السياسية والمدنية لكل المواطنين من الذكور والإناث بما فيها تأسيس الأحزابوالتنظيمات السياسية، والمشاركة في صنع القرار من خلال التواجد في مراكز القيادةفي الدولة. وهذا يتضمن مشاركة المرأة إلى جانب الرجل بحكم تمتعها بالحقوق نفسهاالتي للرجل، فاستقامة أي مجتمع وسعيه إلى تحقيق نجاحات سياسية واقتصادية واجتماعيةوغيرها، وتحقيق نهوض شامل في مجال التنمية، ولا يمكن أن يتم دون مشاركة المرأة أوالنساء بشكل عام، لأن المرأة تشكّل نصف المجتمع. وقد سعت المرأة للاستفادة من هذهالحقوق المنصوص عليها في الدستور اليمني، وتوافر بعض المناخ الديمقراطي، إلى وضعأقدامها في الساحة السياسية من خلال انتمائها إلى أحزاب قائمة، أو حديثة التأسيس،أو من خلال المشاركة في تأسيس أحزاب سياسية جديدة. إلا أن هذا الدور الذي سعتالمرأة إلى أدائه كانت نتائجه متذبذبة، ضعيفة في كثير من الأحيان، بسبب عدم جديةهذه الأحزاب في منح الفرصة للمرأة بإبراز قدراتها وإمكانياتها للمشاركة في عمليةالتنمية الشاملة في المجتمع في مختلف المجالات، وقد سبقت الإشارة إلى نُسب نجاحالمرأة في الانتخابات العامة مقارنة بنسب نجاح الرجال.
برزت كثير من العوامل المختلفة والتي أعاقتمشاركة المرأة بفعاليته في الحياة السياسية والعامة في المجتمع، سواءً كانت هذهالمشاركة من خلال الأحزاب السياسية، أو من خلال التنظيمات المختلفة ومنظماتالمجتمع المدني.
فقد كان دور المرأة ضعيفاً بشكل واضح في العملالسياسي وغيابها عن مراكز اتخاذ القرار، بسبب ضعف دورها في الأحزاب السياسية التيتنتمي إليها. ويمكن إيجاز هذه الأسباب، من خلال قراءة واقع المجتمع اليمني والظروفالتي مر ويمر بها اليمن، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
أولاً: إن أكثر الاجتماعات الدورية المنتظمة للأحزابالسياسية، والتي تناقش القضايا السياسية والحزبية وغيرها من القضايا، تقام عادةًفي مجالس عربية رجالية أو ذات طابع رجالي، يتم من خلالها تناول أعشاب نبتة القات،والتي تتم عادةً في أوقات ما بعد الظهيرة إلى المساء. وهذه الاجتماعات تكتظبالرجال، ولا يسمح للنساء بالتواجد فيها، لأن ذلك يخالف عادات وتقاليد وقيمالمجتمع اليمني. وعليه، فإن انعقاد الاجتماعات الحزبية على هذا النحو، يُحرمالمرأة التواجد فيها، وعدم معرفة ما تم نقاشه فيها، والمشاركة في القرارات التياتخذت، الأمر الذي يؤدي إلى غياب كامل للمرأة عن أداء دورها في مناقشة ورسم سياسةالأحزاب السياسية التي تنتمي إليها، واستبعادها عن التواجد في مراكز اتخاذ القرار،التي أصبحت حكراً على الرجال.
ثانياً: التباعد الجغرافي بين مناطق وقرى اليمن لا سيمافي المناطق الجبلية الشمالية يجعل من الصعوبة بمكان مشاركة المرأة في تنفيذفعاليات الأحزاب السياسية التي تنتمي إليها، إلا في حدود ضيقة، وأكثرها تقتصر علىالمدن لسهولة التنقل فيها.
ويعود ذلك إلى وعورة الطرقات الجبلية وصعوبةالتنقل، الأمر الذي أدى إلى غياب المرأة عن الكثير من الفعاليات، وبالتالي ضعفدورها.
ثالثاً: عدم ترشيح المرأة بشكل كبير في قوائم المرشحينلهذه الأحزاب في الانتخابات البرلمانية والمحلية، رغم النص على هذا الحق فيالدستور والقوانين الخاصة بذلك، وهذا أدى إلى جعل دورها ضعيفاً في الهيئاتالمنتخبة، الأمر الذي يعكس نفسه على شعبيتها بين أفراد المجتمع، الذين تزدادقناعتهم بأن الأدوار السياسية يجب أن تقتصر على الرجال.
رابعاً: نتيجة للأعراف والتقاليد المجتمعية التي تسوداليمن، فإن لدى الرجال قناعة بأن العمل السياسي، وبسبب ما يرافقه من مخاطر مواجهةالسلطة ومطاردتها للسياسيين، والتي تصل إلى السجن وقيد الحرية، وربما تصل أحياناًإلى التصفية الجسدية، الأمر الذي لا يناسب المرأة أن تقوم به، لا سيما وأن هذهالمرأة ترعى أسرتها التي تتكون من عدد كبير من الأطفال، وبالتالي فإن بقائها فيالمنزل وعدم ممارستها لمثل هذه النشاطات السياسية يكون أفضل لها، وهذا يعني أنالقطاع الذكوري في هذه الأحزاب، يستبعد المرأة من المراكز القيادية والأعمالالهامة ليحتكرها لنفسه.
خامساً: انتشار الفكر المتطرف الرافض لمشاركة المرأة فيالحياة السياسية ، والذي يستند إلى وجهات نظر بعض المرجعيات الفقهية والمذهبيةالمتطرفة، التي ترفض بشدة ممارسة المرأة لحقوقها السياسية، وتوليها مناصب عامة.فبسبب قلة الوعي وانتشار الأمية، فإن هذه التفسيرات والمرجعيات كان لها الأثرالسلبي على المرأة، الأمر الذي عكس نفسه على ممارسة المرأة حقها في الحياةالسياسية ومنها عدم مشاركتها في الأحزاب السياسية بصورة كبيرة.
إن تمكين المرأة سياسياً في الأحزاب السياسية، أوفي هياكل السلطة، يتوجب من السلطة ومؤسسات المجتمع المدني، الإدراك الواعيبالمعوقات الموضوعية والذاتية المعيدة لإنتاج التمايز الجنسي، والعمل على وضعاستراتيجية شاملة بعيدة المدى، تهدف إلى تقليص الفجوة النوعية، وقصيرة المدى تهدفإلى تشجيع المرأة على الانخراط والمشاركة الفاعلة في هياكل السلطة والأحزابالسياسية، وذلك بتمكينها سياسياً من خلال التمييز الإيجابي، وبتخصيص حصة للنساء فيمواقع صنع القرار، وعدم الاكتفاء بالتمكين السياسي بل تقويتها وتعزيز حضورها،وفاعليتها في الهيئات ومواقع صنع القرار
إن التمكين السياسي للمرأة ليس مسؤولية نسوية بلمجتمعية، نظراً لما تمثله المرأة من أهمية بوصفها عنصراً سياسياً وفعّالاً فيالمجتمع، وفي تحقيق التنمية الشاملة. وتمكين المرأة سياسياً لا يتوقن عند معالجةعلاقتها بالأحزاب السياسية، دون ربط ذلك بالإطار المجتمعي، واستيعاب المعوقاتالموضوعية والذاتية.
وهذا يمكننا من وضع استراتيجيات شاملة، تكونمحصلتها إحداث تغيير مجتمعي حقيقي، يكون فيه تمكين المرأة سياسيًا والاعتراف بهمطلبًا اجتماعيًا، ولن يتحقق ذلك إلا بتظافر جهود كل مكونات المجتمع، وتحمل مؤسساتالمجتمع المدني، لا سيما النساء منها، المبادرة الأولى في التطبيق على ذاتهاأولاً، ثم العمل على تجييش بقية المؤسسات المدنية، وأخيراً الضغط على السلطةالسياسية لإحداث تعديلات قانونية وسياسية تعمل على تمكين المرأة سياسياً.
الخاتمة
بعد الانتهاء من بيان وتوضيح المسائل المرتبطةبقوانين الانتخابات والأحزاب السياسية، ومدى مشاركة المرأة اليمنية في فعالياتالانتخابات العامة البرلمانية والمحلية والرئاسية، وبيان نسب مشاركتها في تلكالانتخابات، التي رأينا الضعف الواضح في النتائج التي تمخضت عنها تلك الانتخابات،والنسب الضئيلة جداً التي جنتها المرأة من المشاركة فيها، رغم أعداد النساءالمشاركات في التصويت، إلا أن توجهات سياسة الأحزاب السياسية وأجندتها وجهت تلكالأصوات إلى اختيار الرجال وليس النساء خوفاً، من ضياع المقاعد في حالة ترشيحالمرأة للمقاعد المخصصة للأحزاب، كما تعتقد القيادات الحزبية ذلك.
وترتيباً على ذلك، فإن الدراسة توصلت إلى بعضالنتائج التي نوردها على النحو الآتي:
أولاً: النتائج:
1) طبيعة المجتمع اليمني واختلاف معاييره في النظرإلى المرأة بشكل عام، وإلى المرأة المتعلمة حينما تحاول أن يكون لها موطئ قدم في هرمالقيادة السياسية للبلاد، فالنظرة العامة للمرأة هي أن المرأة موقعها الأساسي بيتزوجها وتربية أبنائها، وغير ذلك لا يجوز لها القيام به. أما المرأة المتعلمة فتسريعليها تلك النظرة، فضلًا عن قاعدة عدم قدرة المرأة على المشاركة في قيادة المجتمعالتي يؤمن بها كثير من السياسيين، خوفًا من المنافسة على مقاعد السلطة ومراكزالقرار.
2) إن الدستور اليمني والقوانين المنبثقة منه وبماينسجم مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمرأة، تؤكد في بعض نصوصهاأن من حق المرأة المشاركة في الحياة السياسية والعامة في المجتمع، وهناك نصوصواضحة في الدستور، إلا أن كثير من القوانين لم تترجم تلك الحقوق إلى نصوص قانونيةتستطيع المرأة أن تطالب بتمكينها من تطبيق هذه النصوص وممارسة حقوقها بشفافية،تساهم من جانبها في بناء المجتمع وفي التنمية الشاملة فيه، والمشاركة في صنعالقرار في المراكز العليا للسلطة.
3) إن الأحزاب السياسية تبيِّن أنها مزدوجة التوجّهوالتكتيك السياسي، فهي تدعي في وثائقها إلى ضرورة مساهمة المرأة في الحياةالسياسية والعامة، والمشاركة في الهيئات المختلفة لسلطة الدولة وأجهزتها الحكومية،إلا أنه عند تطبيق ذلك وتحين فرصة صعود المرأة إلى تلك المراكز عن طريقالانتخابات، تبدأ الأحزاب بالتهرّب من ترشيح النساء في الانتخابات البرلمانية والمحلية،بحجة الخوف من ضياع المقاعد في هاتين السلطتين (البرلمانية والمحلية)، بسبب ضعفشعبية المرأة، وعدم تصويت المواطنين لها، بل تسعى تلك الأحزاب إلى توجيه النساءإلى المشاركة بقوة في التصويت لمصلحةالرجال المرشحين من قبل هذه الأحزاب.
4) إن نسبة النساء اللاتي ترشحن لخوض الانتخاباتالبرلمانية والمحلية، كان ضئيلًا بالمقارنة بعدد الرجال المرشحين فيها، وهذهالنسبة لا تتناسب مع نسبة النساء المشاركات في التصويت في هذه الانتخابات، الأمرالذي يدل على أن ثمة فجوة بين النصوص القانونية التي لا تمنع المرأة من ممارسةحقوقها السياسية، وبين الخطاب السياسي للقيادات السياسية والحزبية التي لا تشجعالنساء في ممارسة حق الترشيح، وبالمقابل تعمل على الاستفادة من صوتها كناخبة.
5) إن نسبة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار فيسلطتي الدولة التنفيذية والتشريعية ما زالت ضعيفة، وفي اللجنة العليا للانتخاباتمنعدمة، الأمر الذي يدل على عدم وجود رغبة كبيرة من القيادة السياسية وقياداتالأحزاب في إشراك المرأة في هاتين السلطتين، إلاّ بشكل رمزي، واحتكار الرجال لتلكالسلطة.
6) هناك معوقات كثيرة تقف أمام مشاركة المرأة فيالحياة السياسية والعامة، تتمثل أبرزها في تفشي الأمية في المجتمع التي تؤثر علىالوعي العام بأهمية دور المرأة في الحياة السياسية والعامة، وأن المرأة حقيقة تشكلنصف المجتمع.
ثانيًا: التوصيات:
بعد عرض النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة،فإن هناك بعض التوصيات التي نرى ضرورة إيرادها في هذه الدراسة، منها:
1) ضرورة تضمين القوانين الخاصة بالانتخابات العامةنصوصًا تضمن المشاركة الفعلية للنساء في الترشح إلى مقاعد البرلمان والمجالسالمحلية، عن طريق تحديد نسبة معينة لها من المقاعد (30%) وفقًا لنظام الكوتا.
2) ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة من قبل القيادةالسياسية، التي تؤمّن مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار في سلطتي الدولةالتنفيذية والتشريعية، من خلال تخصيص نسبة معينة أو عدد معين فيها، ويتم ذلك عنطريق إجراء التعديلات التشريعية على القوانين الخاصة بذلك، لتحقيق هذا الهدف.
3) مطالبة القيادة السياسية بتمكين المرأة من عضويةاللجنة العليا للانتخابات العامة (البرلمانية والمحلية والرئاسية)، وكذلك في جميعاللجان الإشرافية والأصلية في الانتخابات لما لذلك من أهمية في تعزيز مشاركةالمرأة في الحياة السياسية والعامة، وتشجيعهن على الاستمرار في ذلك. ويتم ذلك عنطريق تعديل القانون رقم (13) لعام 2001م بشأن الانتخابات العامة لا سيما النصالخاص بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات واشراك النساء في هذه اللجنة.
4) توصي الدراسة الحكومة والأحزاب السياسية ومنظماتالمجتمع المدني، بالعمل الجاد من أجل تغيير الثقافة السلبية السائدة تجاه المرأة،ويكون ذلك من خلال تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة وهذا لن يأتي إلا بالعمل الجاد،ومحو أميته الثقافية، ورفع مستواه الثقافي والاجتماعي، وتحسين صورة المرأة فيمناهج التعليم، مع إبراز مكانة المرأة في المجتمع والقيادات النسائية في تاريخاليمن في البرامج والكتب المدرسية.
5) توصي الدراسة الأحزاب السياسية بعدم الازدواجيةبين خطابها السياسي ووثائقها وبين الممارسة الواقعية، التي تتمثل في التظاهربتشجيع المرأة على الانخراط في الحياة السياسية والمشاركة الفعّالة في الانتخاباتالعامة، في الوقت الذي تقلص نسبة المرشحات في هذه الانتخابات، وحتى تقليص عددالنساء في الهيئات القيادية لهذه الأحزاب. وعليها أن تنتخب للمرأة في المناصبالقيادية فيها من الأعلى إلى الأدنى، وأن تضع لها برنامج علمي للنزول إلى أوساطالنساء والتأثير عليهن ثقافياً وسياسياً واجتماعياً.
قائمة المراجع:
1) حورية مشهور، حقوق المرأة السياسية بين النصالقانوني والتطبيق، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر حقوق المرأة في العالم العربي،المنعقد في صنعاء، 3-5 ديسمبر 2005م.
2) أ. رضية شمشير، أ.د. اسمهان العلس، أ.د. حسينباسلامة، التجربة السياسية للمرأة اليمنية في الانتخابات المحلية، 2006م من منظورالنوع الاجتماعي، الطبعة الأولى، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، 2009م.
3) د. عبد الباقي شمسان، الاشتغال السياسي في قضاءالمجتمع اليمني... مدخل إشكالي، ورقة قدمت إلى الملتقى الديمقراطي الأول، النساءوالأحزاب السياسية، 5 أغسطس2004م، صنعاء، الطبعة الأولى، منتدى الشقائق العربيلحقوق الانسان، 2005م.
4) أ.د. نادية سلام، أ.د. عبد الحكيم محسن عطروش،أستاذ مشارك، د. ألطاف إبراهيم رمضان، نظام الكوتا النسائية وإمكانية تطبيقه فيالجمهورية اليمنية؛ مركز المرأة للبحوث والتدريب، جامعة عدن، 2013م.
التقارير:
1) التقرير السنوي عن مستوى تنفيذ اتفاقية القضاءعلى أشكال التميز ضد المرأة، اللجنة الوطنية للمرأة، صنعاء، 2003م.
2) المؤتمر الوطني الثاني للمرأة، المرأة شريك أساسيفي التنمية، اللجنة الوطنية للمرأة، صنعاء. www.yemen-women.org.yelcon/cota.htm
3) تقييم وضع المرأة اليمنية في ضوء منهاج بيجن،صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم)، المكتب الإقليمي للدول العربية،الطبعة الأولى، عمّان، 2003م.
القوانين:
1) دستور الجمهورية اليمني، 2001م.
2) قانون الانتخابات العامة رقم (41) لسنة 1992م.
3) القانون رقم (27) لسنة (1996م) بشأن الانتخاباتالعامة.
4) القانون رقم (4) لسنة (2000م) بشأن السلطةالمحلية.
5) القانون رقم (13) لسنة (2001م) بشأن الانتخاباتالعامة.